
هل تنتفض القوى الطلابية دفاعا عن مكتسباتها؟
في محاولة لكبح العمل الطلابي الكويتي وتقييده والحد من انطلاقته، جاء المقترح النيابي من قِبل بعض النواب، بهدف القضاء على ما تبقى من الحركة الطلابية الكويتية، التي تاهت وانحدرت في سنواتها الأخيرة، بفضل ظروف موضوعية وذاتية لا مجال هنا للحديث عنها، بل سيكون حول التوجهات الرامية لخنق العمل الطلابي والشبابي.
فلم تفاجأ الأوساط السياسية بمثل هذه المقترحات من مجلس صنعته الحكومة بيدها، فأخذ يمارس الدور الحكومي في تقليص الحريات العامة، بل ويتبناها من خلال اقتراحات بقوانين، في وقت يفترض أن تكون مهمته الأساسية مدافعاً عنها ومناصراً لها.
الاقتراح المشار إليه، الذي خرج باسم «تنظيم الاتحادات الطلابية»، ومن دون الدخول في تفاصيل مواده الكثيرة والمتشابكة، بات جلياً أنه يمهد لـ «توجه» سياسي معيَّن، وفق الشواهد التاريخية التي مرَّت بها الحياة السياسية والحركة الطلابية الكويتية، وبالذات في عامي 1977 و1986.
ففي عام 1977، أصدرت إدارة جامعة الكويت لائحة عرفت بـ «لائحة السلوك الطلابي»، التي كان الغرض الأساسي منها هو تحجيم العمل الطلابي بعد الحل غير الدستوري الأول لمجلس الأمة في أغسطس 1976، حيث قامت الحكومة حينها بحل مجالس إدارات جمعيات النفع العام، وطال نادي الاستقلال الثقافي التصفية النهائية، فيما نجا الاتحاد الوطني لطلبة الكويت من أي إجراءات حكومية تجاهه، فلم تكن مواجهته ممكنة، إلا بإصدار مثل هذه اللائحة التي أسقطها الاتحاد الطلابي، الذي كان متنفساً وحيداً للقوى المنادية بعودة الحياة البرلمانية.
وتكرر المشهد نفسه مرة أخرى عام 1986، لكن بسيناريو مختلف هذه المرة، حيث تم إصدار اللوائح الطلابية «الجمعيات الطلابية والنظام الجامعي والنشرات الطلابية» في ربيع ذلك العام، وشهدت الحركة الطلابية معركة «اللاءات الثلاث»، وكان توقيتها يمهد لإجراء ما، وهو بالفعل ما تم في صيف ذلك العام، عندما اتُخذ قرار الحل غير الدستوري الثاني لمجلس الأمة.
هذان الأمران يؤكدان بوضوح تام، أن الحركة الطلابية الكويتية مستهدفة بشكل مباشر، لأنها تمثل الطليعة الشبابية القادرة على صنع التغيير.
وبغض النظر عن موقفنا من الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، بقيادته الحالية، والتراجع الكبير الذي أصاب الحركة الطلابية، واستشراء الأمراض الاجتماعية بداخله، فإنها تبقى رافدا مهما لكل القطاعات المجتمعية، سواء السياسية منها أو ذات الطابع المدني والنقابي.
واليوم، والحركة الطلابية الكويتية تقترب من ذكراها الخمسين، التي ستصادف يوم 24 ديسمبر الجاري، فإن بعض نواب مجلس الأمة لم يجدوا تكريما لها سوى فرض المزيد من القيود عليها، ووضع الحواجز المعرقلة لنشاطها، بل وإبعادها عن قضايا الوطن وهمومه، وربما تكون هذه بوادر لحدث ما قد يكون مشابهاً لما حدث في الفترتين المشار إليهما.
جريدة الطليعة الكويتية